لم يكُن سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعيش بعيدًا عن أصحابه، بل كان يتفقّدهم تفقُّد الأب الحاني الشفيق، فما أن يفتقد أحدهم عن ناظريه إلاّ ويسأل عنه، فإن كان مريضًا سارع إلى عيادته، وإن كان مسافرًا خَلَفَه في أولاده، وإن كان في حاجة سارع إلى قضائها له، وهذا ما كان يفعله مع الصغير والكبير، والغني والفقير بلا استثناء. ولم يكن هذا التفقد للرجال فقط ولا في ساحة الحرب فقط، بل حدث ذات مرّة أن تغيّبَت امرأة فقيرة عجوز لم يكن يعرفها إلاّ القليل، ولكنّها كانت تَقُمّ المسجد -أي تنظِّفُه- وتغيّبَت أيّامًا، فسأل عنها محمّد صلّى الله عليه وسلّم فقيل له: إنّها ماتت، فقال: هلاَّ آدنتموني -أي لم تخبروني بوفاتها- فأتَى قبرها فصلَّى عليها ودعا لها'' أخرجه البخاري ومسلم. وبينما يعود صلّى الله عليه وسلّم بجيشه ذات مرّة، ويتأخّر عن الجيش إلى مؤخّرته، فيجد صاحبه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- وقد تأخَّر بعيره، فيسأله عن حاله وأحوال أخواته، وقد كان له سبعة من الأخوات تركهنّ له أبوه، وسأله محمّد صلّى الله عليه وسلّم عن حاله جميعًا، فأخبره أنّه قد تزوّج'' أخرجه البخاري ومسلم.
مـــنـــتــــدى اســــــــرار الــــبــــنـــــــــــات